مقالات في اللسانيات

المنجد في اللغة والأعلام، نقد لا مفر منه

د. عبدالعزيز بن عبدالله المهيوبي

المنجد في اللغة للأب يوسف معلوف وهو معجم مشهور تتداوله الناشئة، طبع للمرة الأولى سنة  1908م في 737 صفحة بمطبعة الآباء اليسوعيين ثم تتابعت طبعاته، وقد أنجزت الطبعة السابعة عشرة سنة 1956م بعنوان: المنجد في اللغة والأدب والعلوم ، وذكر في مقدمة هذه الطبعة ما أدخل عليه من تحسينات كما أُضيفَ إليه المنجد في الأدب والعلوم للأب فرديناند توتل. وفي طبعته الثالثة والعشرين سنة 1978م عنون له بالمنجد في اللغة والأعلام، ومنذ طبعته السابعة عشرة كان يراجعه عدد من الأساتذة منهم كرم البستاني، وأنطوان نعمة، والأب بولس موتراد ، وغيرهم.
وقد بلغت صفحات الطبعة الثالثة والعشــرين للمنجد اللغوي 966 صفحة ومع (فرائد الأدب) تبلغ 1014 صفحة، وبلغت صفحات ( والمنجد في الأعلام ) 800 صفحة مع 132 لوحة بالألوان و 68 خريطة جغرافية و39 خريطة بالألوان، و 32 جدولاً و 1320 رسماً، وتضمن المنجد في الأعلام 600ر10 مادة، منها 5940 عن العالم الإسلامي.

هذا هو (المنجد) المعجم العظيم بسبب حسن إخراجه وسهولة التعامل مع مادته، مما جعله يروج رواجاً عظيماً بين أبناء الأمة الإسلامية، ولكن للأسف لا تخلو هذه العظمة من خطورة ترجع إلى ما تضمّنه من أخطاء علمية وتاريخية متعمدة في كثير من الأحيان، وفيه تحريفات ومطاعن في تاريخنا قد تخفى على الناشئة، وقد تنبه لهذه الأخطاء طائفة من العلماء والباحثين، منهم:

1- العلامة عبد الله كنون الأمين العام لرابطة علماء المغرب، والذي نشر سلسلة من المقالات في مجلة (دعوة الحق) المغربية انتقد فيها 672 مادة.

2- انتقده منير العمادي في ثلاث مقالات في مجلة (مجمع اللغة العربية) و (مجلة المعرفة) بدمشق.
ج- قدَّم الأستاذ سعيد الأفغاني تقريرا عن أضرار المنجد إلى رئيس لجنة التأليف والترجمة والنشر بجامعة دمشق، بيّن فيه بعض عوراته ومثالبه.

3- نشر الأستاذ عبد الستار فرج مقالين في مجلة (العربي الكويتية) بيّن فيهما بعض نواقص المنجد وما فيه من عورات ومثالب، وأورد أمثلة عديدة لما وقع فيه من تحريف للأسماء وتشويه للحقائق التاريخية، وأخطاء بسبب الترجمة السيئة، وعدم الرجوع إلى المصادر العربية، وإهمال الكثير من الشخصيات العربية والإسلامية، ومما قاله:

” والمنجد في الأعلام المطبوع عام 1969 ما هو إلا صورة للمنجد في الأدب والعلوم، ولكنها صورة فيها أحياناً بتر وقبح، أو مسخ كريه، أو صياغات أدت إلى خلل واضطراب”.

نختم حديثنا بما جاء في أول (منجد الأعلام) الطبعة التاسعة: “آدم:الإنسان الأول وأبو الجنس البشري، وعصى آدم وحواء أوامر الله فطردا من جنة الفردوس ولكنهما وعدا بمخلص هو المسيح” وهنا يجب أن يقال: هذا حسب اعتقاد المسيحيين، وأما عند المسلمين فالأمر يختلف، وذلك كما جاء في القرآن الكريم: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} إلى قوله: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} فإن الخطيئة في اعتقاد المسلمين لا تورث، وكل إنسان مسؤول عن عمله {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} ، {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ، {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}.

هذا ولا يجوز أن يقتنى (المنجد) إلا ومعه (عثرات المنجد) حتى يتبين من يرجع إلى المنجد ما فيه من السموم والأخطاء، كما أننا ندعو أهل العلم والدين واللغة أن يقوموا بتمحيص الكتب التي وضعها أعداء الدين من المسيحيين، وأخص منها ما يتناول بالبحث لغة القرآن الكريم، وأدب اللغة العربية، وتاريخنا الإسلامي العظيم ، لاسيما أعلام المسلمين، وينقدوها ويستخرجوا ما دسّه هؤلاء فيها من سموم.

0 Reviews

Write a Review

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى